تاريخ سفر اعمال الرسل

( مهما يكن من أمر مراجع سفر اعمال الرسل فانه يمكننا بل يجب علينا أن نقدر قيمته التاريخية ابتدأءً من قيمة الاطار التي ترد فيها الروايات والخطب فمعطيات التاريخ العام وعلم الآثار من جهة والأخبار التي يقدمها لنا العهد الجديد من جهة أخرى ولا سيما رسائل بولس تمكننا اذا قارناً بينها من تقدير صحة هذا الاطار وبعض التفاصيل ان نتائج هذا الفحص تؤيد صحة سفر اعمال الرسل اكثر مما تخالفه وتمكننا بذلك من اقامة مواد تسلسل زمني ثابت لنشأة المسيحية ولحياة بولس ورسائله ان هذه الحالة تدعو المؤرخ الى ايلاء ثقته قبل اي بحث كان بأخبار الكتاب الكثيرة واذا أراد ان يقيمها وجب عليه ان يكتفي بطرق النقد الداخلي المحض لعدم توفر طرق التحقيق الخارجي وقد يكشف هذا النقد هنا وهناك بعض آثار التنافر آو التوتر في الروايات ويبدو انها صادرة إما عن ارتياب او نقص في ما لدى المؤلف من الأخبار وإما عن قصد حمله على تحوير ان تفسير الأخبار التي حصل عليها من المراجع ومعقولية الروايات تشكل مقياساً آخر ولكنه خطير الاستعمال لأن الاعتبارات التي يأخذ بها ليست كلها من النوع التاريخي فأصعب المسائل هي مسألة الخوارق ولا سيما روايات المعجزات اجل انه من الممكن لا بل من الأرجح حيناً بعد آخر ان المؤلف او مراجعه قد بالغت في هذا الجانب من رواية بعض الأحداث ولكن يجب على النقد ألا ينسى ان المعجزات كانت ذات شأن هام في المسيحية القديمة ففي هذه الأحوال وفضلاً عن اهتداء بولس فان سفر اعمال الرسل يرسم صورة حقيقية تثبتها شواهد أخرى )

رسالة رومة 15 / 18

لأني ما كنت لأجرؤ أن أذكر شيئا لو لم يجره المسيح عن يدي لهداية الوثنيين إلى الطاعة بالقول والعمل

رسالة قورنتس الثانية 12 / 12

إن العلامات المميزة للرسول قد تحققت بينكم بصبر تام وآيات وأعاجيب ومعجزات

رسالة العبرانيين 2 / 4

وأيدته شهادة الله بآيات وأعاجيب ومعجزات مختلفة وبما يوزع الروح القدس من مواهب كما يشاء

( ان تاريخية الخطب في سفر اعمال الرسل تطرح مسائل أشد تعقداً من مسائل الاقسام الروائية فلا يخفى على أحد أن المؤرخين القدماء كانوا يعدون امراً طبيعياً أن يؤلفوا بكثير او قليل من التصرف ما يجعلون من الخطب على ألسنة الأشخاص الذين يتكلمون عليهم ان قصر اكثر الخطب اعمال الرسل لا يسمح بأن نرى فيها خطباً مختزلة او ذكريات حفظت بكاملها فهناك أمور غير معقولة او وجوه شبه في اللغة والتفكير بين الخطب والروايات تدل على تدخل المؤلف في انشاء الخطب لكن هذه الملاحظات لا تجيز لنا ان ننكر عليها كل قيمة وثاقية فهناك أسباب وجيهة تحملنا على الاعتقاد على سبيل المثل أن البنية الاجمالية وبعض المواد التي نجدها في الخطب الرسولية او في خطاب بولس الى شيوخ أفسس تعكس بأمانة مختلف أساليب أعلان البشارة المسيحية أما سائر الخطب فانها مقبوله على العموم ولكن التقدير الصحيح لقيمتها التاريخية متوقف الى حد بعيد على الثقة المولاة لاخبار المؤلف ولا سيما ليوميات السفر )

سفر اعمال الرسل 20 / 18 - 38

فلما قدموا إليه قال لهم تعلمون كيف كانت معاملتي لكم طوال المدة التي قضيتها منذ أول يوم وطئت فيه أرض آسية فقد عملت للرب بكل تواضع أذرف الدموع وأعاني المحن التي أصابتني بها مكايد اليهود وما قصرت في شيء يفيدكم بل كنت أعظكم وأعلمكم في الأماكن العامة والبيوت فكنت أناشد اليهود واليونانيين أن يتوبوا إلى الله ويؤمنوا بربنا يسوع هاءنذا اليوم ماض إلى أورشليم أسير الروح لا أدري ماذا يحدث لي فيها على أن الروح القدس يؤكد لي في كل مدينة أن السلاسل والشدائد تنتظرني ولكني لا أبالي بحياتي ولا أرى لها قيمة عندي فحسبي أن أتم شوطي وأتم الخدمة التي تلقيتها من الرب يسوع أي أن أشهد لبشارة نعمة الله وأنا أعلم الآن أنكم لن تروا وجهي بعد اليوم أنتم الذين سرت بينهم كلهم أبشر بالملكوت لذلك أشهد اليوم أمامكم أني بريء من دمكم جميعا لأني لم أقصر في إبلاغكم تدبير الله كله فتنبهوا لأنفسكم ولجميع القطيع الذي جعلكم الروح القدس حراسا له لتسهروا على كنيسة الله التي أكتسبها بدمه وأنا أعلم أن سيدخل فيكم بعد رحيلي ذئاب خاطفة لا تبقي على القطيع ويقوم من بينكم أنفسكم أناس يتكلمون بالضلال ليحملوا التلاميذ على اتباعهم فتنبهوا واذكروا أني لم أكف مدة ثلاث سنوات ليل نهار عن نصح كل منكم وأنا أذرف الدموع والآن أستودعكم الله وكلمة نعمته وهو القادر على أن يشيد البنيان ويجعل لكم الميراث مع جميع المقدسين ما رغبت يوما في فضة ولا ذهب ولا ثوب عند أحد وأنتم تعلمون أن يدي هاتين سدتا حاجتي وحاجات رفقائي وقد بينت لكم بأجلى بيان أنه بمثل هذا الجهد يجب علينا أن نسعف الضعفاء ذاكرين كلام الرب يسوع وقد قال هو نفسه السعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ قال هذا ثم جثا فصلى معهم جميعا وفاضت دموعهم أجمعين فألقوا بأنفسهم على عنق بولس وقبلوه طويلا محزونين خصوصا لقوله إنهم لن يروا وجهه بعد اليوم ثم شيعوه إلى السفينة

( هناك ناحية أخيرة لسفر اعمال الرسل من جهة كونه وثيقة تاريخية لا بد من لفت النظر اليها هي إغفاله بعض الامور فالكتاب على سبيل المثل لا يقول شيئاً في انشاء كنائس كثيرة يذكرها ولا يفوه بكلمة عما وقع من خلافات بين بولس وكنيسة قورنتس فاغفال هذه الأمور وغيرها اياً كانت اسبابه يدل ان اعمال الرسل ليست تاريخاً عاماً للمسيحية القديمة ولا سيرة كاملة لبولس )

سفر اعمال الرسل 28 / 13

ومن هناك سرنا على مقربة من الشاطئ حتى بلغنا راجيون فهبت في اليوم الثاني ريح جنوبية ووصلنا بعد يومين إلى بوطيول

سفر اعمال الرسل 19 / 1

وبينما أبلس في قورنتس وصل بولس إلى أفسس بعدما جاز أعالي البلاد فلقي فيها بعض التلاميذ

اعداد الشماس سمير كاكوز